وقال ابن جزى :
﴿ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ القول ﴾
الضمير لكفار قريش، وقيل : لليهود والأول أظهر ؛ لأن الكلام من أوله معهم، والقول هنا القرآن، و ﴿ وَصَّلْنَا لَهُمُ ﴾ : أبلغناه لهم، أو جعلناه موصلاً بعضه ببعض.
﴿ الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب مِن قَبْلِهِ ﴾ يعني من أسلم من اليهود، وقيل : النجاشي وقومه، وقيل : نصارى نجران الذين قدموا على رسول الله ﷺ بمكة وهم عشرون رجلاً فآمنوا به، والضمير في قبله القرآن، وقولهم إنه الحق : تعليل لإيمانهم، وقولهم :﴿ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ﴾ : بيان لأن إسلامهم قديم، لأنهم وجدوا ذكر سيدنا محمد ﷺ في كتبهم قبل أن يبعث.
﴿ أولئك يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ ﴾ قال رسول الله ﷺ :" ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب ثم آمن بمحمد ﷺ، ورجل مملوك أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت له أمة فأعتقها وتزوّجها " ﴿ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ يعني صبرهم على إذاية قومهم لهم لما أسلما أو غير ذلك من أنواع الصبر ﴿ وَيَدْرَؤُنَ بالحسنة السيئة ﴾ أي يدفعون، ويحتمل أن يريد بالسيئة ما يقال لهم من الكلام القبيح، وبالحسنة ما يجاوبون به من الكلام الحسن، أو يريد سيئات أعمالهم وحسناتهم كقوله :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ [ هود : ١١٤ ].
﴿ وَإِذَا سَمِعُواْ اللغو ﴾ يعني ساقط الكلام ﴿ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ﴾ هذا على وجه التبري والبعد من القائلين للغو ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ﴾ معناه هنا، المتاركة والمباعدة لا التحية، أو كأنه سلام الانصراف والبعد ﴿ لاَ نَبْتَغِي الجاهلين ﴾ أي لا نطلبهم للجدال والمراجعة في الكلام.