﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ " نزلت في أبي طالب إذ دعاه النبي ﷺ أن يقول عند موته : لا إله إلا الله فقال : لولا أن يعايرني بها قريش لأقررت بها عينك ومات على الكفر "، ولفظ الآية مع ذلك على عمومه ﴿ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾ لفظ عام، وقيل : أراد به العباس بن عبد المطلب.
﴿ وقالوا إِن نَّتَّبِعِ الهدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ ﴾ القائلون لذلك قريش، وروي أن الذي قالها منهم : الحارث بن عامر بن نوفل، والهدى هو الإسلام، ومعناه الهدى على زعمك، وقيل : إنهم قالوا : قد علمنا أن الذي تقول حق، ولكن إن اتبعناك تخطفتنا العرب : أي أهلكونا بالقتال لمخالفة دينهم ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً ﴾ هذا ردّ عليهم فما اعتذروا به من تخطف الناس لهم، والمعنى أن الحرم لا تتعرض له العرب بقتال، ولا يمكن الله أحداً من إهلاك أهله، فقد كانت العرب يغير بعضهم على بعض، وأهل الحرم آمنون من ذلك ﴿ يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ أي تجلب إليه الأرزاق مع أنه واد غير ذي زرع.
﴿ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ﴾ معنى بطرت طغت وسفهت، ومعيشتها : نصب على التفسير مثل : سفه نفسه، أو لعى إسقاط حرف الجرّ تقديره : بطرت في معيشتها أو يتضمن معنى بطرت : كفرت ﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ يعني : قليلاً من السكنى، أو قليلاً من الساكنين : أي لم يسكنها بعد إهلاكها إلا مارّاً على الطريق ساعة.
﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القرى حتى يَبْعَثَ في أُمِّهَا رَسُولاً ﴾ أم القرى مكة لأنها أول ما خلق الله في الأرض، ولأن فيها بيت الله، والمعنى أن الله أقام الحجة على أهل القرى ؛ بأن بعث سيدنا محمد ﷺ في أم القرى، فإن كفروا أهلكهم بظلمهم بعد البيان لهم، وإقامة الحجة عليهم.


الصفحة التالية
Icon