﴿ أولئك يؤتون أجرهم مرتين ﴾ يعني بإيمانهم بالكتاب الأول والكتاب الآخر ﴿ بما صبروا ﴾ أي على دينهم وعلى أذى المشركين ( ق ) عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :" ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد ( ﷺ ) والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها ثم تزوجها فله أجران " ﴿ ويدرؤون بالحسنة السيئة ﴾ قال ابن عباس : يدفعون بشهادة أن لا إله إلا الله وقيل يدفعون ما سمعوا من أذى المشركين وشتمهم بالصفح والعفو ﴿ ومما رزقناهم ينفقون ﴾ أي في الطاعة ﴿ وإذ سمعوا اللغو ﴾ أي القول القبيح ﴿ أعرضوا عنه ﴾ وذلك أن المشركين كانوا يسبون مؤمني أهل مكة ويقولون تباً لكم تركتم دينكم فيعرضون عنهم ولا يردون عليهم ﴿ وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ﴾ أي لنا ديننا ولكم دينكم ﴿ سلام عليكم ﴾ ليس المراد منه التحية ولكن سلام المتاركة والمعنى سلمتم منا لا نعارضكم بالشتم ﴿ لا نبتغي الجاهلين ﴾ يعني لا نحب دينكم الذي أنتم عليه.
وقيل : لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال ثم نسخ ذلك بالقتال.
قوله تعالى ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ أي هدايته وقيل أحببته لقرابته ﴿ ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ وذلك أن الله تعالى يقذف في القلب نور الهداية فينشرح الصدر للإيمان ﴿ وهو أعلم بالمهتدين ﴾ أي بمن قدر له الهدى ( م ) عن أبي هريرة قال " إنك لا تهدي من أحببت، نزلت في رسول الله ( ﷺ ) حيث راود عمه أبا طالب على الإسلام وذلك أن النبي ( ﷺ ) قال لأبي طالب عند الموت :" ياعم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة قال لولا أن تعيرني قريش يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك " ثم أنشد :
ولقد علمت بأن دين محمد...