من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة...
لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
ولكن على ملة الأشياخ عبد المطلب وعبد مناف ثم مات فأنزل الله هذه الآية ﴿ وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ﴾ يعني نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف وذلك أنه قال للنبي ( ﷺ ) : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ولكن إن اتبعناك على دينك خفنا أن تخرجنا العرب من أرض مكة قال الله تعالى ﴿ أو لم نمكن لهم حرما آمناً ﴾ وذلك أن العرب كانت في الجاهلية يغير بعضهم على بعض ويقتل بعضهم بعضاً وأهل مكة آمنون حيث كانوا لحرمة الحرم.
ومن المعروف أنه كان تأمن فيه الظباء من الذئاب والحمام من الحدأة ﴿ يجبى إليه ﴾ يعني يجلب ويجمع إليه ويحمل إلى الحرم من الشام ومصر والعراق واليمن ﴿ ثمرات كل شيء رزقاً من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون ﴾ يعني أن أكثر أهل مكة لا يعلمون ذلك.
قوله ﴿ وكم أهلكنا من قرية ﴾ يعني من أهل قرية ﴿ بطرت معيشتها ﴾ أي أشرت وطغت وقيل عاشوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام ﴿ فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً ﴾ قال ابن عباس : لم يسكنها إلا المسافرون سكوناً قليلاً وقيل لم يعمروا منها إلا أقلها وأكثرها خراب ﴿ وكنا نحن الوارثين ﴾ يعني لم يخلفهم فيها أحد بعد هلاكهم وصار أمرها إلى الله تعالى لأنه الباقي بعد فناء الخلق ﴿ وما كان ربك مهلك القرى ﴾ يعني الكافرة أهلها ﴿ حتى يبعث في أمها رسولاً ﴾ ينذرهم وخص الأم ببعثة الرسول لأنه يبعث إلى الأشراف وهم سكان المدن وقيل حتى يعبث في أمر القرى وهي مكة رسولاً يعني محمداً ( ﷺ ) لأنه خاتم الأنبياء ﴿ يتلو عليهم آياتنا ﴾ أي أنه يؤدي إليهم ويبلغهم وقيل يخبرهم أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا ﴿ وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ﴾ أي مشركون.


الصفحة التالية
Icon