﴿ قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ ﴾ ولم يقل بنهار تتصرفون فيه كما قال ﴿ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ﴾ بل ذكر الضياء وهو ضوء الشمس لأن المنافع التي تتعلق به متكاثرة ليس التصرف في المعاش وحده، والظلام ليس بتلك المنزلة ومن ثم قرن بالضياء ﴿ أفلا تسمعون ﴾ لأن السمع يدرك ما لا يدركه البصر من ذكر منافعه ووصف فوائده، وقرن بالليل ﴿ أفلا تبصرون ﴾ لأن غيرك يبصر من منفعة الظلام ما تبصره أنت من السكون ونحوه ﴿ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾ أي لتسكنوا بالليل ولتبتغوا من فضل الله في النهار فيكون من باب اللف والنشر ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ الله على نعمه.
وقال الزجاج : يجوز أن يكون معناه لتسكنوا فيهما ولتبتغوا من فضل الله فيهما، ويكون المعنى جعل لكم الزمان ليلاً ونهاراً لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله فيه ﴿ وَيَوْمَ يناديهم فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِىَ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ كرر التوبيخ لاتخاذ الشركاء ليؤذن أن لا شيء أجلب لغضب الله من الإشراك به كما لا شيء أدخل في مرضاته من توحيده ﴿ وَنَزَعْنَا ﴾ وأخرجنا ﴿ مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ﴾ يعني نبيهم لأن الأنبياء للأمم شهداء عليهم يشهدون بما كانوا عليه ﴿ فَقُلْنَا ﴾ للأمم ﴿ هَاتُواْ برهانكم ﴾ فيما كنتم عليه من الشرك ومخالفة الرسل ﴿ فَعَلِمُواْ ﴾ حينئذ ﴿ أَنَّ الحق لِلَّهِ ﴾ التوحيد ﴿ وَضَلَّ عَنْهُم ﴾ وغاب عنهم غيبة الشيء الضائع ﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ من ألوهية غير الله والشفاعة لهم. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ٣ صـ ٢٤٠ ـ ٢٤٤﴾


الصفحة التالية
Icon