﴿وإذاسمعوا اللغو﴾ أي : ما لا ينفع في دين ولا دنيا من شتم وتكذيب وتعيير ونحوه ﴿أعرضوا عنه﴾ تكرّماً عن الخنا، وقيل اللغو : القبيح من القول ؛ وذلك أنّ المشركين كانوا يسبون مؤمني أهل الكتاب ويقولون لهم تباً لكم تركتم دينكم فيعرضون عنهم ولا يردون عليهم ﴿وقالوا﴾ وعظاً وتسميعاً لقائله ﴿لنا﴾ خاصة ﴿أعمالنا﴾ لا تثابون على شيء منها ولا تعاقبون ﴿ولكم﴾ أي : خاصة ﴿أعمالكم﴾ لا نطالب بشيء منها فنحن لا نشتغل بالرد عليكم ﴿سلام عليكم﴾ متاركة لهم وتوديعاً ودعاء لهم بالسلامة عما هم فيه، لا سلام تحية وإكرام، ونظير ذلك ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً﴾ (الفرقان، ) ثم أكد ذلك تعالى بقوله تعالى : حاكياً عنهم ﴿لا نبتغي﴾ أي : لا نكلف أنفسنا أن نطلب ﴿الجاهلين﴾ أي : لا نريد شيئاً من أموالهم وأقوالهم أو غير ذلك من خلالهم، وقيل لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه قيل نسخ ذلك بالأمر بالقتال وهو بعيد لأنّ ترك المسافهة مندوب إليه وإن كان القتال واجباً، ونزل في حرصه ﷺ على إيمان عمه أبي طالب ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾ أي : نفسه أو هدايته بخلق الإيمان في قلبه، روى سعيد بن المسيب عن أبيه أنه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله ﷺ فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال : أي : عمّ قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل ﷺ يعرضها ويصدانه بتلك الكلمة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله ﷺ والله لأستغفرنّ لك ما لم أنه عن ذلك فأنزل الله تعالى :﴿ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين﴾ (التوبة :)