﴿وربك﴾ أي : المحسن إليك المتولي أمر تربيتك ﴿يعلم ما تكنّ﴾ أي : تخفي وتستر ﴿صدورهم﴾ من كونهم يؤمنون على تقدير أن تأتيهم آيات مثل آيات موسى عليه السلام، أو لا يؤمنون ومن كون ما أظهر من أظهر الإيمان بلسانه خالصاً أو مشوباً، ومن كونهم يخفون عداوة الرسول ﷺ ﴿وما يعلنون﴾ أي : يظهرون من ذلك كل ذلك لديه سواء فلا يكون لهم مراد إلا يخلقه، فإن قيل هلا اكتفى بقوله تعالى :﴿ما تكنّ صدورهم﴾ عن قوله :﴿وما يعلنون﴾ أجيب : بأنّ علم الخفي لا يستلزم علم الجليّ إما لبعد أو لغط أو اختلاط أصوات يمنع تمييز بعضه عن بعض أو غير ذلك، ولما كان علمه تعالى بذلك إنما هو لكونه إلهاً واحداً فرداً صمداً وكان غيره لا يعلم من علمه إلا ما علمه قال تعالى:
﴿وهو الله﴾ أي : المستأثر بالإلهية الذي لا سميّ له الذي لا يحيط الواصفون بكنه عظمته، ثم شرح معنى الاسم الأعظم بقوله تعالى :﴿لا إله إلا هو﴾ وهذا تنبيه على كونه قادراً على كل الممكنات عالماً بكل المعلومات منزهاً عن النقائص والآفات، ثم علل ذلك بقوله تعالى :﴿له﴾ أي : وحده ﴿الحمد﴾ أي : الإحاطة بأوصاف الكمال ﴿في الأولى والآخرة﴾ لأنه المولى للنعم كلها عاجلها وآجلها يحمده المؤمنون في الآخرة كما حمدوه في الدنيا، فإن قيل الحمد في الدنيا ظاهر فما الحمد في الآخرة ؟
أجيب : بأنهم يحمدونه بقولهم ﴿الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن﴾ (فاطر :)
﴿الحمد لله الذي صدقنا وعده ﴾ (الزمر :)
﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ﴾ (يونس :)


الصفحة التالية
Icon