والتوحيد هناك على وجه اللذة لا الكلفة، وفي الحديث يلهمون التسبيح والتقديس ﴿وله الحكم﴾ أي : القضاء النافذ في كل شيء وقال ابن عباس : حكم لأهل الطاعة بالمغفرة ولأهل المعصية بالشقاء ﴿وإليه﴾ لا إلى غيره ﴿ترجعون﴾ أي : بأيسر أمر يوم النفخ في الصور لبعثرة ما في القبور، بالبعث والنشور مع أنكم الآن راجعون في جميع أحكامكم إليه، ومقصورون عليه إن شاء أمضاها وإن أراد ردّها ولواها ففي الآية غاية التقوية لقلوب المطيعين ونهاية الزجر والردع للمتمردين، ثم بين سبحانه وتعالى بعض ما يجب أن يحمد عليه مما لا يقدر عليه سواه بقوله تعالى:
﴿قل﴾ أي : يا أفضل الخلق لأهل مكة ﴿أرأيتم﴾ أي : أخبروني ﴿إن جعل الله﴾ أي : الملك الأعلى ﴿عليكم الليل﴾ أي : الذي به اعتدال حرّ النهار ﴿سرمداً﴾ أي : دائماً ﴿إلى يوم القيامة﴾ لا نهار معه ﴿من إله غير الله﴾ أي : العظيم الشأن الذي لا كفء له ﴿يأتيكم بضياء﴾ أي : بنهار تطلبون فيه المعيشة ﴿أفلا تسمعون﴾ أي : ما يقال لكم سماع إصغاء وتدبر.
﴿قل أرأيتم إن جعل الله﴾ أي : الذي له الأمر كله ﴿عليكم النهار﴾ أي : الذي توازن حرارته برطوبة الليل فيتمّ بها صلاح النبات وغير ذلك من جميع المقدّرات ﴿سرمداً﴾ أي : دائماً ﴿إلى يوم القيامة﴾ لا ليل فيه ﴿من إله غير الله﴾ أي : الجليل الذي ليس له مثل ﴿يأتيكم بليل﴾ أي : ينشأ منه ظلام ﴿تسكنون فيه﴾ استراحة عن متاعب الأشغال، فإن قيل هلا قيل بنهار تتصرفون فيه كما قيل بليل تسكنون فيه ؟