وقال أبو حيان :
﴿ وربك يخلق ما يشاء ويختار ﴾ :
نزلت بسبب ما تكلمت به قريش من استغراب أمر النبي ( ﷺ )، وقول بعضهم :﴿ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ﴾
وقائل ذلك الوليد بن المغيرة.
قال القرطبي : هذا متصل بذكر الشركاء الذين دعوهم واختاروهم للشفاعة، أي الاختيار إلى الله تعالى في الشفعاء، لا إلى المشركين.
وقيل : هو جواب لليهود، إذ قالوا : لو كان الرسول إلى محمد غير جبريل، لأمنا به، ونص الزجاج، وعليّ بن سليمان، والنحاس : على أن الوقف على قوله :﴿ ويختار ﴾ تام، والظاهر أن ما نافية، أي ليس لهم الخيرة، إنما هي لله تعالى، كقوله :﴿ ما كان لهم الخيرة ﴾ من أمرهم.
وذهب الطبري إلى أن ما موصولة منصوبة بيختار، أي ويختار من الرسل والشرائع ما كان خيرة للناس، كما لا يختارون هم ما ليس إليهم، ويفعلون ما لم يؤمروا به.
وأنكر أن تكون ما نافية، لئلا يكون المعنى : إنه لم تكن لهم الخير فيما مضى، وهي لهم فيما يستقبل، ولأنه لم يتقدّم كلام ينفي.
وروي عن ابن عباس معنى ما ذهب إليه الطبري، وقد رد هذا القول تقدّم العائد على الموصول، وأجيب بأن التقدير : ما كان لهم فيه الخيرة، وحذف لدلالة المعنى.
قال الزمخشري : كما حذف من قوله :﴿ إن ذلك لمن عزم الأمور ﴾ يعني : أن التقدير أن ذلك فيه لمن عزم الأمور.
وأنشد القاسم ابن معن بيت عنترة :
أمن سمية دمع العين تذريف...
لو كان ذا منك قبل اليوم معروف
وقرن الآية بهذا البيت.
والرواية في البيت : لو أن ذا، ولكن على ما رواه القاسم يتجه في بيت عنترة أن يكون في كان ضمير الشأن.
فأما في الآية، فقال ابن عطية : تفسير الأمر والشأن لا يكون بجملة فيها محذوف.
قال ابن عطية : ويتجه عندي أن تكون ما مفعولة، إذا قدرنا كان تامة، أي أن الله تعالى يختار كل كائن، ولا يكون شيء إلا بإذنه.