واعلم أن الإيمان بالباطل كفر بلا شك، وإنما ذكرت الجملة الأخيرة تأكيدا ولبيان قبح ما جاء في الجملة الأولى فهو كقول القائل أتقول الباطل وتترك الحق ؟ لبيان أن الباطل قبيح في ذاته "أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ" ٥٢ المغبونون في صفقتهم، إذ اشتروا الكفر بالإيمان، وهذه الآية وردت مورد الإنصاف في المكالمة على حد قوله تعالى (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) الآية ٣٥ من سورة سبأ المارة، وكقول حسان :
فخيركما لشركما الفداء.
قال تعالى "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ" على طريق
الاستهزاء والسخرية كقولهم (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) الآية ٣٠ من سورة سبأ أيضا، وهي مكررة كثيرا في القرآن، وذلك لعدم تصديقهم أن هناك بعثا وحسابا وجزاء، ولهذا يقولون (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً) الآية ٣٢ من سورة الأنفال ج ٣، وقد تكرر منهم هذا القول، كما تكررت هذه الآية معنى في كثير من سور القرآن.
قال تعالى "وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى" ضربناه لعذابهم غير قابل التقديم والتأخير، وعزّتي وجلالي يا سيد الرسل لَجاءَهُمُ الْعَذابُ" الذي يريدون سرعة نزوله قبل أن يتشدقوا بما تفوهوا به "وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ" أي يباغتهم ويفاجئهم به من حيث لا يتوقعونه، وهذا العذاب قيل هو في الدنيا فيما يقع عليهم من الأمر والجلاء والقتل أو الموت، وقيل هو عذاب الآخرة.


الصفحة التالية
Icon