اللّه لهم بالفرار منه إلى غيره، ولا يحل لهم البقاء إذا تحققت خشيتهم، لأن محافظة النفس واجبة، وأول من فعلها إبراهيم عليه السلام حين خاف قومه وأمنه النمروذ، لأن الكافرين لا عهد لهم ولا ذمة، وكذلك موسى بعد أن قتل القبطي وعلم أنهم يريدون قتله به.
الخامس الخروج خوف المرض من البلاد الوخمة المشتملة على المستنقعات والأوساخ وغيرها.
وقد أذن صلّى اللّه عليه وسلم للعرنيّين في ذلك حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المرج.
السادس الخروج خوفا من سلب المال فله ذلك أيضا، لأن حرمة مال المسلم كحرمة دمه، هذا إذا كان الداعي للهجرة الهرب من أحد هذه الأمور، أما إذا كان الداعي طلب الشيء فيقسم جوار الخروج الذي هو بمعنى الهجرة إلى تسعة أقسام.
هذا وما قيل إن الهجرة انقطعت بالفتح يعنى فتح مكة، فالمراد بها خصوص القصد إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذ كان بقطن فيها إذ بعد وفاته ينعدم ذلك القصد، فذلك القيل من هذه الحيثية ليس إلا، أما زيارته بعد وفاته فسيأتي لها بحث أيضا.
الأول سفر العبرة، وهو مطلوب للمستطيع، قال تعالى (أَ وَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الآية ٩ من سورة الروم المارة، وقد طاف ذو القرنين ليرى عجائبها، الثاني سفر الحج وهو واجب على المستطيع ومن فروض العين.
الثالث سفر الجهاد وهو واجب أيضا مادام العدو خارجا عن ثغور بلاد المسلمين فمتى وطئها لا سمح اللّه صار فرض عين على كل مستطيع، وتفصيله في كتب الفقه، وستلمع له في محله إن شاء اللّه.
الرابع سفر المعاش، وهو جائز إذا أراد التوسع بأكثر مما هو فيه، وواجب إذا كان محتاجا له لنفسه أو لمن يعوله.
الخامس سفر التجارة والكسب الزائد على الحاجة وهو جائز أيضا لقوله تعالى (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) الآية ١٩٨ من البقرة ج ٣.


الصفحة التالية
Icon