وكلمة محدّثون بالتشديد، وفي رواية : ملهمون.
وهذا مما يؤيد أن أن اللّه تعالى لم يترك هذه الأمة من معنى الوحي وآثار الرسالة، كيف وقد
قال صلّى اللّه عليه وسلم : إن اللّه يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدّد لها أمر دينها.
وللّه الحمد، هذا، ولما لم يقنع بقوله ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا وليطلعهم عليه ليصدقوا أن من عباده ممن هو ملهم بما يقع من قضائه، فلما انتهوا به إلى البيداء قال أبو جهل كلتت نافتي فاحملني معك، فنزل، فأخذاه وشدا وثاقه، وجلده كل منهما مئة جلدة، وذهبا به إلى أمه، فقالت له لا تزال بعذاب حتى ترجع عن دين محمد.
هذا وقد جعل بعض المفسرين الآيات الثلاث في حق سعد رضي اللّه عنه، وان ما جرينا عليه أولى، على أن كلا منها عامة اللفظ والمعنى لا يخصصها عن عمومها هذه الأسباب ولا يقيدها عن إطلاقها، لأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، ولأن الآية الواحدة قد يكون نزولها لعدة حوادث بسبب انطباق مآلها عليها، ولم نعهد أن ثلاث آيات نزلت في حادثة واحدة أو آيتين، وعليه فالقول بنزول الآيات الثلاث المذكورة في حق سعد رضي اللّه عنه لم يثبت، واللّه أعلم.
ومرت بقية القصة في الآية ١١ من سورة لقمان، وقيل إنها نزلت في سعد بن مالك الزّهري وأمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس، لما أسلم قالت له لا آكل ولا أشرب ولا استظل حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت فتعيّر بي، فلم يفعل، وبقيت أياما، ولما أيست منه أكلت وشربت واستظلت، قال تعالى "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ" ٩ من عبادنا مع الأنبياء والأولياء والشهداء والعارفين.