قال تعالى "وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ" اللواطة المتناهية في الفحش والقبح والخبث التي ابتدعتموها وحدكم "ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ" ٢٨ فهم أول من سنها في الأرض، قاتلهم اللّه "أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ" في أدبارهم "وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ" الطريق على المارين وتقتلون وتسلبون وتجرون معهم المنكر "وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ" مجسكم الذي هو محل مذاكرات أموركم المهمة فيما يتعلق ببعضكم وجيرانكم وغيرهم "الْمُنْكَرَ" اللواطة فينكح بعضكم بعضا فيه، وتتضارطون، وتصفرون، ويحذف بعضكم بعضا بالحصى، وتفرقعون أصابعكم، وتعلكون، وتتبادلون الألفاظ المنكرة البذيئة، وتتهامزون بالخبث والفحش فيها، وهي لم تتخذ إلا للاجتماعات والمداولات بالأمور النافعة كالحرب وصادرات البلاد ووارداتها وحسن الجوار مع الناس والمعاهدات وغيرها، فتوبوا إلى ربكم وارجعوا عن فيكم، واتعظوا بمن سلف منكم، كي لا يحل عليكم عذاب اللّه.
"فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ" بمقابلة نصحه وتحذيره وإرشاده لما فيه خيرهم "إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ"
٢٩ أن ما نحن عليه قبيح مستوجب للعذاب والآية ٨٢ من الأعراف وهي (وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم) إلخ، وآية النمل (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) إلخ في ج ١، وكلها تدل على الاستخفاف به والاستهزاء بقوله والسخرية به وتهديده، وكان عليه السلام غريبا عنهم، ولم يأت فيما قص اللّه عنه أنه دعاهم إلى عبادة اللّه كما جاء في قصة