قال تعالى "وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً" أي اذكر لقومك يا محمد بعد هذه القصص الثلاث قصته إذ أرسلناه كما أرسلنا من قبله ومن بعده "فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ" وحده واتركوا الأوثان "وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ" اعتقدوا صحته وتوقعوا حلوله "وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" ٣٦ حال مؤكدة لأن العثو هو الفساد "فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ" الحاصلة من هول صيحة الملك "فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ" ٣٧ على ركبهم باركين خامدين، أجساد بلا أرواح.
راجع الآية ٩٣ من الأعراف ج ١ تقف على قصتهم "وَعاداً وَثَمُودَ" أهلكناهم أيضا لتكذيبهم أنبياءهم هودا وصالحا "وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ" يا قوم محمد "مِنْ مَساكِنِهِمْ" في الحجر واليمن تشاهدونها بأسفاركم، ففيهما مزدجر وعبرة وعظة لمن يعقل.
ثم أشار تعالى إلى سبب إهلاكهم بقوله "وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ" الرديئة وعدم إنصاف ذوي الحقوق "فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ" الحق بانخداعهم لوساوسه "وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ" ٣٨ ذوي بصر وبصيرة لما عملوه في الدنيا من البناء والجنان والصنايع وغيرها ولكن لم ينتفعوا ببصيرتهم وأبصارهم، لأنهم صرفوها للدنيا فقط لذلك لم يصغوا لنصح أنبيائهم، راجع قصتهما في الآيتين ٧٢/ ٨٤