كما ذكره الجلال السيوطي في الدر المنثور لا يحتج به أيضا، إذ لم تعلم صحته، وكل ما لم تتحقق صحته لا يصلح للاحتجاج لاشتراط القطع بصحة ما يحتج به في الأحكام القولية والعقلية، وعلى فرض صحته فإنه خاص بذلك العنكبوت الذي فعل ما فعل بإلهام من اللّه عز وجل لا مطلق عنكبوت، وقد نص العلماء على طهارة بيتها لعدم تحقق كون ما تنسج به من غذائها المستحيل في جوفها، والأصل في الأشياء الطهارة على أن الدميري ذكر أنها تخرجه من خارج جلدها لا من جوفها، واللّه أعلم بحقيقة الحال.
ومثله النحل إذ لم يعرف على الضبط أن العسل هل هو من فمه أو من دبره، راجع الآية ٦٩ من سورته المارة، وذكروا أنه يحسن إزالة بيتها من البيوت لما أسنده الثعلبي وابن عطية وغيرهما عن علي كرم اللّه وجهه أنه قال طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت فإن تركه في البيوت يورث الفقر، فإن صح هذا عنه فذاك وإلا فإزالته حسنة لما فيها من النظافة المندوبة شرعا في كل شيء.
وتاء عنكبوت مثل تاء طالوت وهاروت للمبالغة ويقع على الواحد والجمع والمؤنث والمذكر، راجع الآية ٧٥ من سورة الأنعام المارة ولها بحث في الآيتين ١٤٧/ ١٢٢ من سورة البقرة في ج ٣.
قال تعالى "خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ" لا باطلا ولا عبثا ولا لعبا بل لحكمة مراعيا بها مصالح خلقه لا شتمالها على ما يتعلق بمعاشهم وشواهد دالة على شؤونه عز وجل التعلقة بذاته وصفاته ومساكن عباده وعبرة للمعتبرين منهم بدليل قوله "إِنَّ فِي ذلِكَ" الخلق البديع والصنع العجيب "لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ" ٤٤ وعظة للموقنين، وإنما خص


الصفحة التالية
Icon