المؤمنين مع أن عموم الهداية والإرشاد في خلقهما يتحقق للكل، لأنهم هم المنتفعون بعبرها وغير المؤمن يقتصر نفعه فيهما على ظاهر الدنيا وقد يزداد كفرا إذا نسب إليهما التأثير الفعلي الذاتي، أما المؤمن فيزداد إيمانا بنسبة كل ما في الكون إلى خالقه فينتفع في الدنيا والآخرة.
قال تعالى "اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ" واستمر على تبليغه وداوم على تلاوته لتزداد تقربا من اللّه، وذلك أن الكامل يقبل الكمال وهو صلّى اللّه عليه وسلم يترقى في الكمالات إلى يوم القيامة، بل إلى يوم يلاقي ربه في الجنة المعدة لحضرته، فلا يقال إنه غير محتاج إلى دعاء أمته لمخالفته قوله تعالى (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الآية ٥٧ من الأحزاب في ج ٣، وأما أمره بدوام تلاوة القرآن لأن في تلاوته تذكرا لما في تضاعيفه من المعاني، وحملا للأمة على العمل بما فيه من الأحكام ومحاسن.
الأخلاق ومكارم الآداب، وتذكيرهم بما لهم وعليهم "وَأَقِمِ الصَّلاةَ" أدأب على إقامتها، وجاء هذا الأمر متضمنا أمر أمته بها لأنهم تبع له، وقد خصّها بالذكر لأن ما يختص بالعبد من العبادة ثلاث : الأولى عبادة قلبية وهي الاعتقاد الحق، وعبادة لسانية وهي الذكر الحسن، وبدنية وهي العمل الصالح، فالاعتقاد لا يتكرر لأن من اعتقد شيئا لا يعتقده مرة أخرى بل يستمر اعتقاده، والذكر الحسن والعبادة البدنية يتكرران، وكلها توجد في الصلاة، فمن أقامها فقد أقام العبادات بأنواعها إلى ربه عز وجل.


الصفحة التالية
Icon