ساعة فاستحسنه، فقال للرجل اكتب من هذا الكتاب ؟ قال نعم فاشترى أديما فهيأه ثم جاء به فنسخ له في ظهره وبطنه، ثم أتى النبي صلّى اللّه عليه وسلم فجعل يقرؤه عليه، وجعل وجه رسول اللّه يتلون، فضرب رجل من الأنصار الكتاب، وقال ثكلتك أمك يا ابن الخطاب ألا ترى وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب ؟ فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم عند ذلك إنما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم وخواتمه، واختصر لي الحديث اختصار فلا يهلكفكم المتهوكون. - أي الواقعون في كل أمر بغير رويّة وقيل المتحيرون، وقدمنا في الآية ٤٣ من سورة القصص في ج ١ ما يتعلق بهذا وإن المنع إنما هو عند خوف فساد في الدين ولا سيما بصدر الإسلام فراجعه ففيه ما يكفيك ويثلج صدرك وتقر عينك "قُلْ" يا سيد الرسل لقومك وغيرهم "كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً" بأني رسوله والقرآن كلامه وانكم كاذبون مبطلون، واللّه عالم بأني بلغت وأنذرت ونصحت، وانكم صددتم وأنكرتم وكذبتم، وشهادة اللّه لي بإنزال الكتاب علي وإثبات المعجزة لي، وانه سيجازي كلا بفعله، لأنه "يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" وجميع ما يقع فيهما وما بينهما، و
من جملتها شأني وشأنكم سرهما وجهرهما، وهذه تقرير لصدر الآية من كفاية شهادة اللّه تعالى على ذلك.
وما قيل إن هذه الآية نزلت حينما قال كعب بن الأشرف وأصحابه لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم من يشهد أنك رسول اللّه لا صحة له في سبب النزول، لأن الآية مكية بالاتفاق، وسباقها مع كفرة قريش لا ذكر لأهل الكتاب فيهما "وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ" وهو غير ما جاءت به الرسل من عند اللّه "وَكَفَرُوا بِاللَّهِ" وما جاء عنه.