وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ ووصينا الإنسان بوالديه ﴾ الآية،
روي عن قتادة وغيره أنها نزلت في شأن سعد بن أبي وقاص، وذلك أنه هاجر فحلفت أمه أن لا تستظل بظل حتى يرجع إليها ويكفر بمحمد فلج هو في هجرته، ونزلت الآية، وقيل نزلت في عياش بن أبي ربيعة، وذلك أنه اعتراه في دنيه نحو من هذا بعد أن خدعه أبو جهل ورده إلى أمه الحديث في كتاب السيرة، ولا مرية أنها نزلت فيمن كان من المؤمنين بمكة يشقى بجهاد أبويه في شأن الإسلام أو الهجرة فكان القصد بهذه الآية النهي عن طاعة الأبوين في مثل هذا، لعظم الأمر وكثرة الخطر فيه مع الله تعالى، ثم إنه لما كان بر الوالدين وطاعتهما من الأمر الذي قررته الشريعة وأكدت فيه وكان من القوي عندهم الملتزم قدم الله تعالى النهي عن طاعتهما، وقوله ﴿ ووصينا الإنسان بوالديه حسناً ﴾ على معنى أنا لا نخلّ ببر الوالدين لكنا لا نسلطه على طاعة الله لا سيما في معنى الإيمان والكفر وقوله :﴿ حسناً ﴾ يحتمل أن ينتصب على المفعول، وفي ذلك تجوز ويسهله كونه عاماً لمعان، كما تقول وصيتك خيراً أو وصيتك شراً، عبر بذلك عن جملة ما قلت له، ويحسن ذلك دون حرف جر كون حرف الجر في قوله ﴿ بوالديه ﴾ لأن المعنى ﴿ ووصينا الإنسان ﴾ بالحسن في فعله، مع والديه، ونظير هذا قول الشاعر :[ الرجز ]
عجبت من دهماء إذ تشكونا... ومن أبي دهماء إذ يوصينا


الصفحة التالية
Icon