ولما كان الحسبان، لا يصح تعليقه بالمفردات، وإنما يعلق بمضمون الجملة، وكان المراد إنكار حسبان مطلق الترك، كانت " أن " مصدرية عند جميع القراء، فعبر عن مضمون نحو : تركهم غير مفتونين لقولهم آمناً، بقوله :﴿أن يتركوا﴾ أي في وقت ما بوجه من الوجوه، ولو رفع الفعل لأفهم أن المنكر حسبان الترك المؤكد، فلا يفيد إنكار ما عرى عنه، وقد مضى في المائدة ما ينفع هنا ﴿أن﴾ أي في أن ﴿يقولوا﴾ ولو كان ذلك على وجه التجديد والاستمرار :﴿آمنا وهم﴾ أي والحال أنهم ﴿لا يفتنون﴾ أي يقع فتنتهم ممن له الأمر كله وله الكبرياء في السماوات والأرض، مرة بعد أخرى بأن يختبر صحة قولهم أولاً بإرسال الرسل وإنزال الكتب ونصب الأحكام، وثانياً بالصبر على البأساء والضراء عند الابتلاء بالمدعوين إلىلله في التحمل لأذاهم والتجرع لبلاياهم وغير ذلك من الأفعال، التي يعرف بها مرتبة الأقوال، في الصحة والاختلال.