وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : افتتحت سورة القصص بذكر امتحان بني إسرائيل بفرعون وابتلائهم بذبح أبنائهم وصبرهم على عظيم تلك المحنة، ثم ذكر تعالى حسن عاقبتهم وثمرة صبرهم، وانجرّ مع ذلك مما هو منه لكن انفصل عن عمومه بالقضية امتحان أم موسى بفراقه حال الطفولية وابتداء الرضاع وصبرها على أليم ذلك المذاق حتى رده تعالى إليها أجمل رد وأحسنه، ثم ذكر ابتلاء موسى عليه الصلاة والسلام بأمر القبطي وخروجه خائفاً يترقب وحن عاقبته وعظيم رحمته، وكل هذا ابتلاء أعقب خيراً، وختم برحمة ثم بضرب آخر من الابتلاء أعقب محنة وأورث شراً وسوء فتنة، وهو ابتلاء قارون بماله وافتنانه به، فخسفنا به وبداره الأرض، فحصل بهذا أن الابتلاء في غالب الأمر سنة، وجرت منه سبحانه في عبادة ليميز الخبيث من الطيب، وهو المنزه عن الافتقار إلى تعرف أحوال العباد بما يبتليهم به إذ قد علم كون ذلك منهم قبل كونه إذ هو موجده وخالقه خيراً كان أو شراً، فكيف يغيب عنه أو يفتقر تعالى إلى بيانه بتعرف أحوال العباد أو يتوقف علمه على سبب


الصفحة التالية
Icon