قالت له أمه : ما هذا الذي أحدثت والله ما آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت فتعير بذلك أبد الدهر ويقال يا قاتل أمه ثم إنها مكثت يوماً وليلة لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل فأصبحت وقد جهدت ثم مكثت كذلك يوماً آخر وليلة فجاءها فقال : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني فكلي إن شئت وإن شئت فلا تأكلي فلما أيست منه أكلت وشربت فأنزل الله هذه الآية وأمره بالبر والإحسان إليهما وأن لا يطيعهما في الشرك فذلك قوله تعالى ﴿ وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ﴾ وفي الحديث " لا طاعة لمخلوق في معصية الله " ثم أوعد بالمصير إليه فقال ﴿ إلي مرجعكم فأنبئكم ﴾ أي فأخبركم ﴿ بما كنتم تعملون ﴾ أي بصالح أعمالكم وسيئاتها أي فأجازيكم عليها.
﴿ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ﴾ أي في زمرة الصالحين وهم الأنبياء والأولياء وقيل في مدخل الصالحين وهو الجنة.
قوله تعالى ﴿ ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي ﴾ يعني أصابه بلاء من الناس افتتن ﴿ في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ﴾ أي جعل أذى الناس وعذابهم كعذاب الله في الآخرة والمعنى أنه جزع من أذى الناس ولم يصبر عليه فأطاع الناس كما يطيع الله من يخاف عذابه وهو المنافق إذا أوذي في الله رجع عن الدين وكفر ﴿ ولئن جاء نصر من ربك ﴾ أي فتح ودولة للمؤمنين ﴿ ليقولن ﴾ أي هؤلاء المنافقون للمؤمنين ﴿ إنا كنا معكم ﴾ أي على عدوكم وكنا مسلمين وإنما أكرهنا حتى قلنا ما قلنا فأكذبهم الله تعالى فقال ﴿ أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين ﴾ أي من الإيمان والنفاق ﴿ وليعلمن الله الذين آمنوا ﴾ أي صدقوا فثبتوا على الإيمان والإسلام عند البلاء.
﴿ وليعلمن المنافقين ﴾ أي بترك الإسلام عند البلاء قيل نزلت هذه الآية في أناس كانوا يؤمنون بألسنتهم فإذا أصابهم بلاء من الناس أو مصيبة في أنفسهم افتتنوا.