وقال ابن عباس : نزلت في الذين أخرجهم المشركون معهم إلى بدر وهم الذين نزلت فيهم ﴿ الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ﴾ وقيل هذه الآيات العشر من أول السورة إلى ها هنا مدنية وباقي السورة مكية ﴿ وقال الذين كفروا ﴾ يعني من أهل مكة قيل قاله أبو سفيان ﴿ للذين آمنوا ﴾ أي من قريش ﴿ اتبعوا سبيلنا ﴾ يعني ديننا وملة آبائنا ونحن الكفلاء بكل تبعة من الله تصيبكم فذلك قوله ﴿ ولنحمل خطاياكم ﴾ أي أوزاركم والمعنى إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم فأكذبهم الله بقوله ﴿ وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون ﴾ في قولهم نحمل خطاياكم ﴿ وليحملن أثقالهم ﴾ أي أوزار أعمالهم التي عملوها بأنفسهم ﴿ وأثقالاً مع أثقالهم ﴾ أي أوزار من أضلوا وصدوا عن سبيل الله مع أوزار أنفسهم.
فإن قلت قد قال أولاً وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء وقال ها هنا وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم فكيف الجمع بينهما.
قلت : معناه إنهم لا يرفعون عنهم خطيئة بل كل واحد يحمل خطيئة نفسه ورؤساء الضلال يحملون أوزارهم ويحملون أوزاراً بسبب إضلال غيرهم فهو كقوله ( ﷺ ) :" من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " رواه مسلم ﴿ وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ﴾ أي سؤال توبيخ وتقريع لأنه تعالى عالم بأعمالهم وافترائهم.
قوله تعالى ﴿ ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث ﴾ أي فأقام ﴿ فيهم ﴾ يدعوهم إلى عبادة الله وتوحيده ﴿ ألف سنة إلا خمسين عاماً ﴾ فإن قلت فما فائدة هذا الاستثناء وهلا قال تسعمائة وخمسين سنة قلت فيه فائدتان إحداهما : أن الاستثناء يدل على التحقيق وتركه يظن به التقريب فهو كقول القائل عاش فلان مائة سنة فقد يتوهم السائل أنه يقول مائة سنة تقريباً لا تحقيقاً فإن قال مائة سنة إلا شهراً أو إلا سنة زال ذلك التوهم وفهم منه التحقيق.