وقال ابن عطية :
﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ ﴾
قرأ الجمهور " جوابَ " بالنصب، وقرأ الحسن " جوابُ " بالرفع، وكذلك قرأ سالم الأفطس، وأخبر الله تعالى عنهم أنهم لما بين إبراهيم الحجج وأوضح أمر الدين رجعوا معه إلى الغلبة والقهر والغشم وعدوا عن طريق الاحتجاج حين لم يكن لهم قبل به فتآمروا في قتله أو تحريقه بالنار، وأنفذوا أمر تحريقه حسبما قد اقتص في غير هذا الموضع، " وأنجاه الله " تعالى من نارهم بأن جعلها عليه برداً وسلاماً، قال كعب الأحبار : ولم تحرق النار إلا الحبل الذي أوثقوه به، وجعل ذلك آية وعبرة ودليلاً وحدانيته لمن شرح صدره ويسره للإيمان أي هذا الصنف ينتفع بالآية والكفار هي عليهم عمى وإن كانت في نفسها آية للكل، ثم ذكر تعالى أن إبراهيم عليه السلام قررهم على أن اتخاذهم الأوثان والأنصاب إنما كان اتباعاً من بعضهم لبعض وحفظاً لموداتهم ومحباتهم الدنياوية، وأنهم يوم القيامة يجحد بعضهم بعضاً ويتلاعنون لأن توادهم كان على غير تقوى، والأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين، وقرأ عاصم في رواية الأعمش عن أبي بكر عنه " مودةٌ " بالرفع " بينَكم " بالنصب وهي قراءة الحسن وأبي حيوة.


الصفحة التالية
Icon