ثم قال تعالى :﴿وَعَاداً وَثَمُودَ﴾ أي وأهلكنا عاداً وثمود لأن قوله تعالى :﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة﴾ دل على الإهلاك ﴿وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مّن مساكنهم﴾ الأمر وما تعتبرون منه، ثم بين سبب ما جرى عليهم فقال :﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل﴾ فقوله :﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم﴾ يعني عبادتهم لغير الله ﴿فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل﴾ يعني عبادة الله ﴿وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ﴾ يعني بواسطة الرسل يعني فلم يكن لهم في ذلك عذر فإن الرسل أوضحوا السبل.
ثم قال تعالى :﴿وقارون وَفِرْعَوْنَ وهامان﴾ عطفاً عليهم أي : وأهلكنا قارون وفرعون وهامان.
ثم قال تعالى :﴿وَلَقَدْ جَاءهُمْ موسى بالبينات﴾ كما قال في عاد وثمود :﴿وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ﴾ أي بالرسل، ثم قال تعالى :﴿فاستكبروا﴾ أي عن عبادة الله وقوله :﴿فِى الأرض﴾ إشارة إلى ما يوضح قلة عقلهم في استكبارهم، وذلك لأن من في الأرض أضعف أقسام المكلفين، ومن في السماء أقواهم، ثم إن من في السماء لا يستكبر على الله وعن عبادته، فكيف ( يستكبر ) من في الأرض.
ثم قال تعالى :﴿وَمَا كَانُواْ سابقين﴾ أي ما كانوا يفوتون الله لأنا بينا في قوله تعالى :﴿وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرض﴾ [ العنبكوت : ٢٢ ] أن المراد أن أقطار الأرض في قبضة قدرة الله.
﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ﴾
ذكر الله أربعة أشياء العذاب بالحاصب، وقيل إنه كان بحجارة محماة يقع على واحد منهم وينفذ من الجانب الآخر، وفيه إشارة إلى النار والعذاب بالصيحة وهو هواء متموج، فإن الصوت قيل سببه تموج الهواء ووصوله إلى الغشاء الذي على منفذ الأذن وهو الصماخ فيقرعه فيحس، والعذاب بالخسف وهو الغمر في التراب، والعذاب بالإغراق وهو بالماء.