وقال أبو حيان :
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ﴾
﴿ وإلى مدين ﴾ : أي وإلى مدين أرسلنا، أو بعثنا، مما يتعدى بإلى.
أمرهم بعبادة الله، والإيمان بالبعث واليوم الآخر.
والأمر بالرجاء، أمر بفعل ما يترتب الرجاء عليه، أقام المسبب مقام السبب.
والمعنى : وافعلوا ما ترجون به الثواب من الله، أو يكون أمراً بالرجاء على تقدير تحصيل شرطه، وهو الإيمان بالله.
وقال أبو عبيدة :﴿ وارجوا ﴾ : خافوا جزاء اليوم الآخر من انتقام الله منكم إن لم تعبدوه.
وتضمن الأمر بالعبادة والرجاء أنه إن لم يفعلوا ذلك، وقع بهم العذاب ؛ كذلك جاء :﴿ فكذبوه ﴾، وجاءت ثمرة التكذيب، وهي :﴿ فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ﴾، وتقدم تفسير مثل هذه الجمل.
وانتصب ﴿ وعاداً وثموداً ﴾ بإضمار أهلكنا، لدلالة فأخذتهم الرجفة عليه.
وقيل : بالعطف على الضمير في فأخذتهم، وأبعد الكسائي في عطفه على الذين من قوله :﴿ ولقد فتنا الذين من قبلهم ﴾.
وقرأ : ثمود، بغير تنوين ؛ حمزة، وشيبة، والحسن، وحفص، وباقي السبعة : بالتنوين.
وقرأ ابن وثاب : وعاد وثمود، بالخفض فيهما، والتنوين عطفاً على مدين، أي وأرسلنا إلى عاد وثمود.
﴿ وقد تبين لكم ﴾ : أي ذلك، أي ما وصف لكم من إهلاكهم من جهة مساكنهم، إذا نظرتم إليها عند مروركم لها، وكان أهل مكة يمرون عليها في أسفارهم.
وقرأ الأعمش : مساكنهم، بالرفع من غير من، فيكون فاعلاً بتبين.
﴿ وزين لهم الشيطان ﴾ : أي بوسوسته وإغوائه، ﴿ أعمالهم ﴾ القبيحة.
﴿ فصدهم عن سبيل الله ﴾ ؛ وهي طريق الإيمان بالله ورسله.
﴿ وكانوا مستبصرين ﴾ : أي في كفرهم لهم به بصر وإعجاب قاله، ابن عباس، ومجاهد، والضحاك.
وقيل : عقلاء، يعلمون أن الرسالة والآيات حق، ولكنهم كفروا عناداً، وجحدوا بها، واستيقنتها أنفسهم.
﴿ وقارون ﴾ : معطوف على ما قبله، أو منصوب بإضمار اذكر.