﴿ وَعَاداً وَثَمُودَ ﴾ منصوبانِ بإضمارِ فعلٍ يُنبىء عنه ما قبلَه أي أهلكَنا. وقُرىء ثموداً بتأويلِ الحيِّ ﴿ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مّن مساكنهم ﴾ أي وقد ظهرَ لكم إهلاكُنا إيَّاهم من جهةِ مساكنِهم بالنَّظر إليها عند اجتيازِكم بها ذهاباً إلى الشَّامِ وإياباً منه ﴿ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم ﴾ من فُنون الكفرِ والمَعاصي ﴿ فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل ﴾ السَّويِّ الموصِّلِ إلى الحقِّ ﴿ وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ ﴾ ممكِّنين من النَّظرِ والاستدلالِ ولكِنَّهم لم يفعلُوا ذلك أو متبينين أنَّ العذابَ لاحقٌ بهم بإخبارِ الرُّسلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ لهم ولكنَّهم لجُّوا حتَّى لقُوا ما لقُوا ﴿ وقارون وَفِرْعَوْنَ وهامان ﴾ معطوفٌ على عاداً. قيل : تقديمُ قارونَ لشرفِ نسبِه ﴿ وَلَقَدْ جَاءهُمْ موسى بالبينات فاستكبروا فِى الأرض وَمَا كَانُواْ سابقين ﴾ مفلتينَ فائتينَ من قولِهم سبقَ طالبَه إذا فاتَه ولم يُدركه ولقد أدركَهم أمرُ الله عزَّ أيَّ إدراكٍ فتداركُوا نحوَ الدَّمارِ والهَلاَكِ ﴿ فَكُلاًّ ﴾ تفسيرٌ لما يُنبىء عنه عدمُ سبِقهم بطريقِ الإبهامِ أي فكلُّ واحدٍ من المذكورينَ ﴿ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ﴾ أي عاقبناهُ بجنايتِه لا بعضِه دُون بعضٍ كما يُشعر به تقديمُ المفعولِ ﴿ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً ﴾ تفصيلاً للأخذِ أي ريحاً عاصفاً فيها حصباءُ وقيل مَلَكاً رماهم بها وهم قومُ لوطٍ ﴿ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصيحة ﴾ كمدينَ وثمود ﴿ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض ﴾ كقارون ﴿ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا ﴾ كقومِ نوحٍ وفرعونَ وقومِه ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ﴾ بما فعل بهم فإنَّ ذلك محالٌ من جهتِه تعالى ﴿ ولكن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ بالاستمرارِ على مُباشرةِ ما يُوجبُ ذلك من أنواعِ الكفرِ والمَعاصي. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾