﴿ وقارون وَفِرْعَوْنَ وهامان ﴾ معطوف على ﴿ عاداً ﴾ [ العنكبوت : ٣٨ ]، وتقدم قارون لأن المقصود تسلية النبي ﷺ فيما لقي من قومه لحسدهم له، وقارون كان من قوم موسى عليه السلام وقد لقي منه ما لقي، أو لأن حاله أوفق بحال عاد أو ثمود فإنه كان من أبصر الناس وأعلمهم بالتوراة ولم يفده الاستبصار شيئاً كما لم يفدهم كونهم مستبصرين شيئاً، أو لأن هلاكه كان قبل هلاك فرعون وهامان فتقديمه على وفق الواقع، أو لأنه أشرف من فرعون وهامان لايمانه في الظاهر وعلمه بالتوراة وكونه ذا قرابة من موسى عليه السلام، ويكون في تقديمه لذلك في مقام الغضب إشارة إلى أن نحو هذا الشرف لا يفيد شيئاً ولا ينقذ من غضب الله تعالى على الكفر ﴿ وَلَقَدْ جَاءهُمْ موسى بالبينات فاستكبروا ﴾ عن الأيمان والطاعة ﴿ فِى الأرض ﴾ إشارة إلى قلة عقولهم لأن من في الأرض لا ينبغي له أن يستكبر.
﴿ وَمَا كَانُواْ سابقين ﴾ أي فائتين أمر الله تعالى، من قولهم : سبق طالبه أي فاته ولم يدركه، ولقد أدركهم أمره تعالى أي إدراك فتداركوا نحو الدمار والهلاك، وقال أبو حيان : المعنى وما كانوا سابقين الأمم إلى الفكر أي تلك عادة الأمم مع رسلهم عليهم السلام، وليس بذاك وأياً ما كان فالظاهر أن ضمير كانوا القارون وفرعون.
وهامان، وقيل : الجملة عطف على أهلكنا المقدر سابقاً وضمير كانوا لجميع المهلكين، وفيه تبر للنظم الجليل.
﴿ فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ﴾ هذا وما بعده كالفذلكة للآيات المتضمنة تعذيب من كفر ولم يمتثل أمر من أرسل إليه، وقال أبو السعود : هذا تفسير لما ينبىء عنه عدم سبقهم بطريق الإبهام وما بعده تفصيل للأخذ، وفي القلب منه شيء.