وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨) ﴾
قوله :﴿ وَلُوطاً ﴾ منصوب بالعطف على ﴿ نوحاً ﴾، أو على إبراهيم، أو بتقدير : اذكر.
قال الكسائي : المعنى : وأنجينا لوطاً، أو وأرسلنا لوطاً ﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ﴾ ظرف للعامل في لوط ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الفاحشة ﴾ قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر :"أئنكم" بالاستفهام.
وقرأ الباقون بلا استفهام.
والفاحشة : الخصلة المتناهية في القبح، وجملة :﴿ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن العالمين ﴾ مقرّرة لكمال قبح هذه الخصلة، وأنهم منفردون بذلك لم يسبقهم إلى عملها أحد من الناس على اختلاف أجناسهم.
ثم بيّن سبحانه هذه الفاحشة فقال :﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال ﴾ أي تلوطون بهم ﴿ وَتَقْطَعُونَ السبيل ﴾ قيل : إنهم كانوا يفعلون الفاحشة بمن يمرّ بهم من المسافرين، فلما فعلوا ذلك ترك الناس المرور بهم، فقطعوا السبيل بهذا السبب.
قال الفراء : كانوا يعترضون الناس في الطرق بعملهم الخبيث.
وقيل : كانوا يقطعون الطريق على المارّة بقتلهم ونهبهم.
والظاهر أنهم كانوا يفعلون ما يكون سبباً لقطع الطريق من غير تقييد بسبب خاص، وقيل : إن معنى قطع الطريق : قطع النسل بالعدول عن النساء إلى الرجال ﴿ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المنكر ﴾ النادي والنديّ والمنتدى : مجلس القوم ومتحدّثهم.
واختلف في المنكر الذي كانوا يأتونه فيه : فقيل : كانوا يحذفون الناس بالحصباء، ويستخفون بالغريب.
وقيل : كانوا يتضارطون في مجالسهم، وقيل : كانوا يأتون الرجال في مجالسهم وبعضهم يرى بعضاً، وقيل : كانوا يلعبون بالحمام.
وقيل : كانوا يخضبون أصابعهم بالحناء.
وقيل : كانوا يناقرون بين الديكة، ويناطحون بين الكباش.


الصفحة التالية
Icon