﴿يا عِبَادِي﴾ لم يرد إلا المخاطبة مع المؤمنين مع أن الكافر داخل في قوله :﴿يا عِبَادِى﴾ نقول ليس داخلاً في قوله :﴿يا عِبَادِي﴾ نقول ليس داخلاً فيه لوجوه : أحدها : أن من قال في حقه ﴿عِبَادِى﴾ ليس للشيطان عليهم سلطان بدليل قوله تعالى :﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان﴾ [ الحجر : ٤٢ ] والكافر تحت سلطنة الشيطان فلا يكون داخلاً في قوله ﴿يا عِبَادِى﴾ الثاني : هو أن الخطاب بعبادي أشرف منازل المكلف، وذلك لأن الله تعالى لما خلق آدم آتاه اسماً عظيماً وهو اسم الخلافة كما قال تعالى :﴿إِنّي جَاعِلٌ فِى الأرض خَلِيفَةً﴾ [ البقرة : ٣٠ ] والخليفة أعظم الناس مقداراً وأتم ذوي البأس اقتداراً، ثم إن إبليس لم يرهب من هذا الاسم ولم ينهزم، بل أقدم عليه بسببه وعاداه وغلبه كما قال تعالى :﴿فَأَزَلَّهُمَا الشيطان﴾ [ البقرة : ٣٦ ] ثم إن من أولاده الصالحين من سمى بعبادي فانخنس عنهم الشيطان وتضاءل، كما قال تعالى :﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان﴾ [ الحجر : ٤٢ ] وقال هو بلسانه ﴿لأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ﴾ فعلم أن المكلف إذا كان عبداً لله يكون أعلى درجة مما إذا كان خليفة لوجه الأرض ولعل آدم كداود الذي قال الله تعالى في حقه ﴿إِنَّا جعلناك خَلِيفَةً فِي الأرض﴾ [ ص : ٢٦ ] لم يتخلص من يد الشيطان إلا وقت ما قال الله تعالى في حقه عبدي وعندما ناداه بقوله :﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا﴾ [ الأعراف : ٢٣ ] واجتباه بهذا النداء، كما قال في حق داود ﴿واذكر عَبْدَنَا دَاوُودُ ذَا الأيد﴾ [ ص : ١٧ ] إذا علم هذا فالكافر لا يصلح للخلافة فكيف يصلح لما هو أعظم من الخلافة ؟ فلا يدخل في قوله ﴿يا عِبَادِى﴾ إلا المؤمن.


الصفحة التالية
Icon