الثالث : هو أن هذا الخطاب حصل للمؤمن بسعيه بتوفيق الله، وذلك لأن الله تعالى قال :﴿ادعونى أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [ غافر : ٦٠ ] فالمؤمن دعا ربه بقوله :﴿رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى للإيمان أَنْ ءامِنُواْ بِرَبّكُمْ فَئَامَنَّا﴾ [ آل عمران : ١٩٣ ] فأجابه الله تعالى بقوله :﴿ياعبادى الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله﴾ [ الزمر : ٥٣ ] فالإضافة بين الله وبين العبد بقول العبد إلهي وقول الله عبدي تأكدت بدعاء العبد، لكن الكافر لم يدع فلم يجب، فلا يتناول يا عبادي غير المؤمنين.
المسألة الثانية :
إذا كان عبادي لا يتناول إلا المؤمنين فما الفائدة في قوله :﴿الذين آمنوا﴾ مع أن الوصف إنما يذكر لتمييز الموصوف، كما يقال يا أيها المكلفون المؤمنون، ويا أيها الرجال العقلاء تمييزاً عن الكافرين والجهال، فنقول الوصف يذكر لا للتمييز بل لمجرد بيان أن فيه الوصف كما يقال الأنبياء المكرمون والملائكة المطهرون، مع أن كل نبي مكرم وكل ملك مطهر، وإنما يقال لبيان أن فيهم الإكرام والطهارة، ومثل هذا قولنا الله العظيم وزيد الطويل، فههنا ذكر لبيان أنهم مؤمنون.
المسألة الثالثة :
إذ قال ﴿يا عِبَادِى﴾ فهم يكونون عابدين فما الفائدة في الأمر بالعبادة بقوله ﴿فاعبدون﴾ ؟ فنقول فيه فائدتان إحداهما : المداومة أي يا من عبدتموني في الماضي اعبدوني في المستقبل الثانية : الإخلاص أي يا من تعبدني أخلص العمل لي ولا تعبد غيري.
المسألة الرابعة :