قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَواْ ﴾ يعني كفار مكة ﴿ أنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً ﴾ يعني مكة ؛ وقد شرحنا هذا المعنى في [ القصص : ٥٧ ] ﴿ ويُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حولهم ﴾ أي : أن العرب يَسْبي بعضهم بعضاً وأهلُ مكة آمنون ﴿ أفبالباطل ﴾ وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها : الشِّرك، قاله قتادة.
والثاني : الأصنام، قاله ابن السائب.
والثالث : الشيطان، قاله مقاتل.
قوله تعالى :﴿ يُؤْمِنونَ ﴾ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وعاصم الجحدري :﴿ تُؤْمِنونَ وبنِعمة الله تكفُرونَ ﴾ بالتاء فيهما.
قوله تعالى :﴿ وبنِعمة الله ﴾ يعني : محمداً والإِسلام ؛ وقيل : بانعام الله عليهم حين أطعمهم وآمنهم ﴿ يكفُرون ﴾، ﴿ ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّن افترى على الله كَذِباً ﴾ أي : زعم أن له شريكاً وأنه أمر بالفواحش ﴿ أو كذَّبَ بالحق لمَّا جاءه ﴾ يعني محمداً والقرآن ﴿ أليس في جهنم مثوىً للكافرين ﴾ ؟! وهذا استفهام بمعنى التقرير، كقول جرير :
ألَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا...
[ وأندى العالَمينَ بُطونَ راحِ ]
﴿ والذين جاهَدوا فينا ﴾ أي : قاتلوا أعداءنا لأجلنا ﴿ لَنَهْدِيَنَّهم سُبُلَنا ﴾ أي : لَنُوَفّقَنَّهم لإِصابة الطريق المستقيمة ؛ وقيل : لَنَزِيدنَّهم هِدايَة ﴿ وإِنَّ الله لَمَعَ المُحْسِنِينَ ﴾ بالنُّصرة والعون.
قال ابن عباس : يريد بالمُحْسِنِين : الموحِّدين ؛ وقال غيره : يريد المجاهدين.
وقال ابن المبارك : من اعتاصت عليه مسألة، فليسأل أهل الثُّغور عنها، لقوله :﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٦ صـ ﴾