وإما منصوب بنزع الخافض اتساعاً، أي في غرف الجنة، وهو مأخوذ من المباءة، وهي الإنزال.
قرأ أبو عمرو ويعقوب والجحدري وابن أبي إسحاق وابن محيصن والأعمش وحمزة والكسائي وخلف :" يا عبادي " بإسكان الياء، وفتحها الباقون.
وقرأ ابن عامر :" إن أرضي " بفتح الياء، وسكنها الباقون.
وقرأ السلمي وأبو بكر عن عاصم :" يرجعون " بالتحتية، وقرأ الباقون بالفوقية.
وقرأ ابن مسعود والأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي :" لنثوينهم " بالثاء المثلثة مكان الباء الموحدة، وقرأ الباقون بالباء الموحدة، ومعنى لنثوينهم بالمثلثة : لنعطينهم غرفاً يثوون فيها من الثوى وهو الإقامة.
قال الزجاج، يقال : ثوى الرجل : إذا أقام، وأثويته : إذا أنزلته منزلاً يقيم فيه.
قال الأخفش : لا تعجبني هذه القراءة، لأنك لا تقول : أثويته الدار، بل تقول : في الدار، وليس في الآية حرف جرّ في المفعول الثاني.
قال أبو علي الفارسي : هو على إرادة حرف الجرّ، ثم حذف كما تقول : أمرتك الخير، أي بالخير.
ثم وصف سبحانه تلك الغرف فقال :﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ أي من تحت الغرف ﴿ خالدين فِيهَا ﴾ أي في الغرف لا يموتون أبداً، أو في الجنة، والأوّل أولى ﴿ نِعْمَ أَجْرُ العاملين ﴾ المخصوص بالمدح محذوف، أي نعم أجر العاملين أجرهم، والمعنى : العاملين للأعمال الصالحة.
ثم وصف هؤلاء العاملين فقال :﴿ الذين صَبَرُواْ ﴾ على مشاق التكليف، وعلى أذية المشركين لهم، ويجوز أن يكون منصوباً على المدح ﴿ وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ أي يفوّضون أمورهم إليه في كل إقدام وإحجام.


الصفحة التالية
Icon