﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ السماء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله ﴾ أي نزّله، وأحيا به الأرض الله، يعترفون بذلك لا يجدون إلى إنكاره سبيلاً.
ثم لما اعترفوا هذا الاعتراف في هذه الآيات، وهو يقتضي بطلان ما هم عليه من الشرك وعدم إفراد الله سبحانه بالعبادة، أمر رسوله ﷺ أن يحمد الله على إقرارهم وعدم جحودهم مع تصلبهم في العناد، وتشدّدهم في ردّ كل ما جاء به رسول الله من التوحيد فقال :﴿ قُلِ الحمد لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ أي احمد الله على أن جعل الحق معك، وأظهر حجتك عليهم، ثم ذمهم فقال :﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ الأشياء التي يتعقلها العقلاء.
فلذلك لا يعملون بمقتضى ما اعترفوا به مما يستلزم بطلان ماهم عليه عند كل عاقل.
ثم أشار سبحانه إلى تحقير الدنيا وأنها من جنس اللعب واللهو، وأن الدار على الحقيقة هي دار الآخرة، فقال :﴿ وَمَا هذه الحياة الدنيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ ﴾ من جنس ما يلهو به الصبيان ويلعبون به ﴿ وَإِنَّ الدار الآخرة لَهِيَ الحيوان ﴾.
قال ابن قتيبة وأبو عبيدة : إن الحيوان الحياة.
قال الواحدي : وهو قول جميع المفسرين ذهبوا إلى أن معنى الحيوان : ههنا : الحياة، وأنه مصدر بمنزلة الحياة، فيكون كالنزوان والغليان ويكون التقدير : وإن الدار الآخرة لهي دار الحيوان، أو ذات الحيوان : أي : دار الحياة الباقية التي لا تزول ولا ينغصها موت، ولا مرض، ولا همّ ولا غمّ ﴿ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾ شيئاً من العلم لما آثروا عليها الدار الفانية المنغصة.