قال الشيخ الشهير بزروق الفاسي في شرح حزب البحر : أما حكم ركوب البحر من حيث هو فلا خلاف اليوم في جوازه وإن اختلف فيه نظراً لمشقته فهو ممنوع في أحوال خمسة.
أولها : إذا أدى لترك الفرائض أو نقصها فقد قال مالك للذي يميد فلا يصلي الراكب حيث لا يصلي : ويل لمن ترك الصلاة.
والثاني : إذا كان مخوفاً بارتجاجه من الغرق فيه فإنه لا يجوز ركوبه لأنه من الإلقاء إلى التهلكة قالوا : وذلك من دخول الشمس العقرب إلى آخر الشتاء.
والثالث : إذا خيف فيه الأسر واستهلاك العدو في النفس والمال لا يجوز ركوبه بخلاف ما إذا كان معه أمن والحكم للمسلمين لقوة يدهم وأخذ رهائنهم وما في معنى ذلك.
والرابع : إذا أدى ركوبه إلى الدخول تحت أحكامهم والتذلل لهم ومشاهدة منكرهم مع الأمن على النفس والمال بالاستئمان منهم وهذه حالة المسلمين اليوم في الركوب مع أهل الطرائد ونحوهم وقد أجراها بعض الشيوخ على مسألة التجارة لأرض الحرب ومشهور المذهب فيها الكراهة وهي من قبيل الجائز وعليه يفهم ركوب أئمة العلماء والصلحاء معهم في ذلك وكأنهم استخفوا الكراهة في مقابلة تحصيل الواجب الذي هو الحج وما في معناه.
والخامس : إذا خيف بركوبه عورة كركوب المرأة في مركب صغير لا يقع لها فيه سترها فقد منع مالك
ذلك حتى في حجها إلا أن يختص بموضع ومركب كبير على المشهور.
ومن أوراد البحر "الحي القيوم" ويقول عند ركوب السفينة :﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْراهَا وَمُرْسَاهَآ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (هود : ٤١).
﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ (الأنعام : ٩١) ﴿وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتُا بِيَمِينِهِ سُبْحَانَه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (الزمر : ٦٧) فإنه أمان من الغرق.


الصفحة التالية
Icon