وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ ءَآمَنُواْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ ﴾
فيه خمسة تأويلات
: أحدها : أي جانبوا أهل المعاصي بالخروج من أرضهم، قاله ابن جبير وعطاء.
الثاني : اطلبوا أولياء الله إذا ظهروا بالخروج إليهم، قاله أبو العالية.
الثالث : جاهدوا أعداء الله بالقتال لهم، قاله مجاهد.
الرابع : إن رحمتي واسعة لكم، قاله مطرف بن عبد الله.
الخامس : إن رزقي واسع لكم، وهو مروي عن مطرف أيضاً.
﴿ فَإِيَّايَ فَاعْبدُونِ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات
: أحدها : فارهبون، قاله بلال بن سعد.
الثاني : فاعبدون بالهجرة إلى المدينة، قاله السدي.
الثالث : فاعبدون بألا تطيعوا أحداً في معصيتي، قاله علي بن عيسى.
قوله :﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ وفيه وجهان :
أحدهما : يعني أن كل حي ميت.
الثاني : أنها تجد كربه وشدته، وفي إعلامهم بذلك وإن كانوا يعلمونه وجهان :
أحدهما : إرهاباً بالموت ليقلعوا عن المعاصي.
الثاني : ليعلمهم أن أنبياء الله وإن اختصوا بكرامته وتفردوا برسالته فحلول الموت بهم كحلوله بغيرهم حتى لا يضلوا بموت من مات منهم، وروى جعفر الصادق عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال لما توّفي رسول الله ﷺ جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمُوتِ ﴾، إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخَلَفاً من كل هالك ودركاً من كل فائت ؛ فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حُرِمَ الثواب.
﴿ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ يريد البعث في القيامة بعد الموت في الدنيا. قوله تعالى :﴿... لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً ﴾ قرأ حمزة والكسائي ﴿ لَنُثَوِّيَنَّهُم ﴾ بالثاء من الثواء وهو طول المقام وقرأ الباقون بالباء ﴿ لَنُبَوِّئَنَّهُم ﴾ معناه لنسكننهم أعالي البيوت. وإنما خصهم بالغرف لأمرين :


الصفحة التالية
Icon