وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض ﴾ الآية.
لما عيّر المشركون المسلمين بالفقر وقالوا لو كنتم على حق لم تكونوا فقراء، وكان هذا تمويهاً، وكان في الكفار فقراء أيضاً أزال الله هذه الشبهة.
وكذا قول من قال إن هاجرنا لم نجد ما ننفق.
أي فإذا اعترفتم بأن الله خالق هذه الأشياء، فكيف تَشكُّون في الرزق، فمن بيده تكوين الكائنات لا يعجز عن رزق العبد ؛ ولهذا وصله بقوله تعالى :﴿ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ﴾.
﴿ فأنى يُؤْفَكُونَ ﴾ أي كيف يكفرون بتوحيدي وينقلبون عن عبادتي ﴿ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ ﴾ أي لا يختلف أمر الرزق بالإيمان والكفر، فالتوسيع والتقتير منه فلا تعيير بالفقر، فكل شيء بقضاء وقدر.
﴿ إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ ﴾ من أحوالكم وأموركم.
وقيل : عليم بما يصلحكم من إقتار أو توسيع.
قوله تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ السمآء مَآءً ﴾ أي من السحاب مطراً.
﴿ فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا ﴾ أي جدبها وقحط أهلها.
﴿ لَيَقُولُنَّ الله ﴾ أي فإذا أقررتم بذلك فلم تشركون به وتنكرون الإعادة.
وإذا قَدَر على ذلك فهو القادر على إغناء المؤمنين ؛ فكرر تأكيداً.
﴿ قُلِ الحمد لِلَّهِ ﴾ أي على ما أوضح من الحجج والبراهين على قدرته.
﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ أي لا يتدبرون هذه الحجج.
وقيل :"الْحَمْدُ لِلَّهِ" على إقرارهم بذلك.
وقيل : على إنزال الماء وإحياء الأرض. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon