والمعنى : أنه يبسط الرزق لفريق ويقدر لفريق.
والتذييل بقوله ﴿ إن الله بكل شيء عليم ﴾ لإفادة أن ذلك كله جار على حكمة لا يطلع عليها الناس، وأن الله يعلم صبر الصابرين وجزع الجازعين كما تقدم في قوله في أول السورة :﴿ فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ﴾ [ العنكبوت : ٣ ]، قال تعالى :﴿ لَتُبلَوُنَّ في أموالكم وأنفسكم ولَتَسْمَعُنَّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً وإن تَصْبِروا وتتقوا فإِنَّ ذلك من عزم الأمور ﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ].
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فأَحيَا بِهِ الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ ﴾
أعيد أسلوب السؤال والجواب ليتصل ربط الأدلة بعضها ببعض على قرب.
فقد كان المشركون لا يدَّعُون أن الأصنام تُنزل المطر كما صرحت به الآية فقامت الحجة عليهم ولم ينكروها وهي تقرع أسماعهم.
وأدمج ف الاستدلال عليهم بانفراده تعالى بإِنزال المطر أن الله أحيا به الأرض بعد موتها وإن كان أكثر المشركين ينسبون المسببات غلى أسبابها العادية كما تبين في بحث الحقيقة والمجاز العقليين في قولهم : أنبت الربيع البق، أنه حقيقة عقلية في كلام أهل الشرك لأنهم مع ذلك لا ينسبون الإنبات إلى اصنامهم، وقد اعترفوا بأن سبب الإنبات وهو المطر منزل من عند الله فيلزمهم أن الإنبات من الله على كل تقدير.
وفي هذا الإدماج استدلال تقريبي لإِثبات البعث كما قال :﴿ فانظر إلى أثر رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ﴾ [ الروم : ٥٠ ] وقال :﴿ ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون ﴾ [ الروم : ١٩ ].