قال تعالى "أَ وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ" التي هي أقرب شيء منهم وما أودعها اللّه من غرائب الأشياء وبدايع الحكم فيها ظاهرا وباطنا وانها لا بد لها من الانتهاء ليعلموا أن أمر سائر الخلائق جرى على الحكمة الخارقة لا بد لها من الانتهاء بالأجل الذي قدّره لها مبدعها وليتحققوا أن "ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى" تفنى عند بلوغه "وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ"
٨ جاحدون البعث بعد الموت "أَ وَلَمْ يَسِيرُوا" هؤلاء الجاحدون "فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ" من الهلاك والدمار فيعتبروا في كيفية إهلاكهم وسببه مع أنهم "كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً" لأن الأمم الماضية أكبر أجساما وأقوى جوارح، وأصبر جنانا على الشدة من كفار قريش، لأن آثارهم تدل على ذلك "وَأَثارُوا الْأَرْضَ" حرثوها للزراعة وإخراج المعادن منها "وَعَمَرُوها" بالبناء الضخم والجنان والأنهار والسبل "أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها" أهل مكة وغيرهم وحتى الآن لم يبلغ أهل هذا القرن الذي جاء بالبدائع من الكهرباء واللاسلكي والسيارات والطائرات والمدمرات وغيرها مما لم يتصوره العقل قبلا، وما وجد من ضخامة الأبنية وقوتها وهندستها، مما يدل على رقيهم في هذا الفن وغيره من الأمور الدنيوية، كيف وقد وصفهم اللّه تعالى بأنهم يعلمون ظاهرها وهذا كله من الظاهر.


الصفحة التالية
Icon