واعلم أن عمارة هؤلاء للأرض كانت بعد عمارة الجنّ، لأنهم تقدموا عليهم في الخلقة وفي سكنى الأرض، والدليل على مهارتهم في البناء والصنائع ما ذكره اللّه تعالى عن عملهم لسيدنا سليمان المحاريب والتماثيل والبنايات والأواني العظام وغيرها، راجع الآية ٨٤ من سورة الأنبياء والآية ٢٥ من سورة سبأ المارقين، والآية ٤٤ من سورة النمل في ج ١، "وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ" ولم يؤمنوا فأعلكهم اللّه "فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ" بذلك الإهلاك "وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" ٩ لعدم تصديقهم الرسل ولإصرارهم على الكفر "ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى " بالرفع اسم كان مؤخر على قراءة من نصب عاقبة وجعلها خبرها مقدما، وبالنصب على أنها خبرها على قراءة من رفع عاقبة على أنها اسمها، وتطلق السوءى على أسوإ العقوبات، وقيل هي أحد أسماء النار، أي أن جزاء المسيئين أسوأ الجزاء وهو النار التي هي أسوأ من كل سوء، وما ندري لعل ما عند اللّه ما هو أسوا وأسوا وإنما كانت تلك للعاقبة المشئومة عاقبتهم "أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ" ١٠ فعاقبهم بأسوء العقوبات
"اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ" جليله وحقيره فينشئه شيئا فشيئا، ثم يميته بعد انقضاء أجله "ثُمَّ يُعِيدُهُ" حيا كما بدأه "ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"
١١ بعد الحياة الثانية للحساب والجزاء على ما وقع منكم في حياتكم الدنيا "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ" ييأس ويتحير "الْمُجْرِمُونَ" ١٢ إذ تنقطع حجتهم فيسكتون.


الصفحة التالية
Icon