واعلم أن لا عبرة في الإيمان الفطري في أحكام الدنيا، بل العبرة في الإيمان الشرعي المأمور به المكتسب بالإرادة والفعل، ألا ترى إلى قوله صلّى اللّه عليه وسلم فأبواه يهودانه إلخ، فمع وجود الإيمان الفطري محكوم له بحكم أبويه الكافرين، وهذا معنى قوله صلّى اللّه عليه وسلم في الحديث القدسي : يقول اللّه تعالى إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم.
أي حولتهم عنه، على أنهم لو تركوا وشأنهم لا بد وأن يعتقوا هذا الدين الإسلامي المستحسن في العقول السليمة والأطباع المستقيمة المتهيئة لقبول الحسن ولم يعدلوا عنه ما سلموا من أفات التقليد التي ينزلون بها عن هذه الفطرة التي جبلت عليها خلقته والحجة المستقيمة إلى ما يتلقونه
ممّن يتعاهدهم، وإلا فلا تغيير لما وضعه اللّه "ذلِكَ" الدين القويم والفطرة المستقيمة هو "الدِّينُ الْقَيِّمُ" البالغ مستوى العدالة "وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" ٣٠ حقيقته فيزيغون عنه والأقل يعلم شيئا منه ويعرض عنه،


الصفحة التالية
Icon