قال تعالى "وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ" بالدعاء والتضرع حالة كونهم خاشعين مقبلين راجعين إليه "ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ" ٣٣ معه غيره في العبادة والدعاء ويظن هؤلاء الكفرة العتاة أنما تنشر عليهم شيئا من رحمتنا "لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ" من النعم جزاء لفضلنا عليهم كلا بل قل لهم يا سيد الرسل إن اللّه لم يهملكم ولم يعطكم لتكفروا به "فَتَمَتَّعُوا" بكفركم "فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" ٣٤ عاقبة ذلك، وفي هذه الجملة التفات من الغيبة إلى الخطاب وتهديد ووعيد بسوء العاقبة، قال تعالى "أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً" وهذا التفات من الخطاب إلى الغيبة ففيه إيذان بالإعراض عنهم وتعديد جناياتهم لغيرهم ليطلعوا عليها "فَهُوَ يَتَكَلَّمُ" أي ذلك البرهان المعبر عنه بسلطان "بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ" ٣٥ وما هنا مصدرية، أي لم ننزل سلطانا بإشراكهم وإنما اختلقوه من أنفسهم "وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً" من غيث أو صحة أو ولد أو رزق، أي مطلق نعمة، كما أن
الضر في الآية السابقة يطلق على أضداد هذه الرحمة ويشتمل على كل شر "فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ" من كل ما يسوء الإنسان "بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ" بسبب ما اقترفوه من السيئات "إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ" ٣٦ يبأسون من الرحمة، بخلاف المؤمنين فإنهم إذا أصابهم خير شكروا اللّه، وإذا مسهم ضرّ صبروا رجاء رحمة اللّه بكشفه عنهم.
مطلب ما قاله البلخي للبخاري وحق القريب على قريبه والولي وما شابهه :
قال بعض العارفين من أهالي بلخ لصاحب له كيف حالكم يا أهل بخارى ؟ قال نحن قوم إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، فقال البلخي حال كلاب بلخ هكذا، فقال وكيف حالكم يا أهل بلخ ؟ قال نحن قوم إذا وجدنا آثرنا وإذا فقدنا شكرنا.