وقال بعضهم المراد بالزيادة هنا الزيادة المعروفة بالمعاملة التي حرمها الشرع، لأن الآية نزلت في ربا ثقيف وقريش، وهذا القول أوفق بظاهر الآية لأنها تشير إلى مقدمات تحريم الربا على طريقة التدريج التي أشرنا إليها في المقدمة في بحث التدريج بالأحكام، كما وقع في الخمر، والمعنى الأول بعيد عن الظاهر، على أنه يبعد أن يراد بها واللّه أعلم بيوع العينة التي كانت تتعاطاها الجاهلية وبقي أثرها في زمننا هذا، المشار إليها في الحديث الذي روته السيدة عائشة رضي اللّه عنها في بيع العينة، وذلك أن يبيع الرجل ما يساوي خمسة بعشرة مثلا لقاء الإمهال، أو يبيعه شيئا صوريا لا حقيقة له مثل أن يقول له اشتريت مني هذه الساعة أو هذا البساط أو هذا القماش بعشرة ؟ فيقول اشتريت، وقبلت، لفظا من غير تقابض أو بتقابض، ثم يقول له بعتنيه بثمانية ؟ فيقول بعتكه، فيعطيه الثمن الأخير ويكتب عليه الأول، فهذه بيوع لا يبارك اللّه بها لأن ظاهرها بيع وباطنها ربا، واللّه مطلع على النيات لا تخفى عليه خافية والأمور بمقاصدها، لهذا فإنه تعالى لا بد وأن يسلط على متعاطيها ما يمحق ماله ويسلب نعمته من ولد أو زوجة أو قريب أو إتلاف بحرق أو غرق أو خسارة، لأن هذا العمل حيلة على اللّه العالم بجليات الأمور وخوافيها، وقد مسخ اللّه طائفة من بني إسرائيل قردة وخنازير حينما احتالوا على صيد السمك يوم السبت راجع الآية ١٦٢ من الأعراف في ج ١، وقال بعض الأئمة إن الذين يأكلون الربا بالحيلة يحشرون يوم القيامة على صور القردة والخنازير، استنباطا من قوله تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) الآية ٢٧٦ من البقرة في ج ٣، والآية المتقدمة من الأعراف، وسنأتي على توضيح هذا هناك إن شاء اللّه مع قصة أهل البيت في موضعها بالآية ٦٠ من المائدة في ج ٣ إن شاء اللّه.


الصفحة التالية
Icon