هذا، وإن ما ذكرته في تفسير هذه الآية لم يتطرق له أحد من المفسرين، كما هو الحال في تفسير الآية ٨٨ من سورة النمل المارة في ج ١، ولعلها ممّا ينتقد، ولكن حسب اعتقادي أقول إنه أحسن قول في تفسيرها ولا أقول كما قال الغير فيما ينفرد به :
وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
إذ لعله : أن يقف على ضد ما فهمته.
ولا أصمه بالشطر الأخير من قوله :
وما علي إذا ما قلت معتقدي إلى جهول يظن الجهل عدوانا
وأظنه إذا أنصف حبّذ ما قلته لأنه منطبق على المعنى الواقع، وبعد أن فوضت العلم فيه إلى اللّه لم يبق محل للانتقاد وغيره.
قال تعالى "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ ءٍ" كلا لم يستطيعوا ولن يستطيعوا لأنهم وأوثانهم مخلوقون له "سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ" ٤٠ أنظر رعاك اللّه إلى ما تضمنته هذه الآية الكريمة من بلاغة عظمى في قوله من الأولى والثانية والثالثة إذ استقلت كل منها بتأكيد تعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم.
مطلب ظهور الفساد في البر والبحر، والبشارة لحضرة الرسول بالظفر والنصر وعسى أن تكون لامته من بعده :
قال تعالى "ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" من المعاصي فإن الناس صاروا يقدمون على المنكرات والفواحش وهم سائرون في البحر ولم يخشوا أن يرسل اللّه عليهم ريحّا فتغرقهم، كما أنهم يفعلون تلك الخبائث في البر ولم يخافوا أن يخسف اللّه بهم كما فعل بغيرهم، وقد كثر الحرق والقتل والنهب والسلب والزنى واللواطة والشرب والقمار فيهما معا، وقل الحياء، فلا حول ولا قوة إلا باللّه، اللهم أجرنا من غضبك ومن القحط فقد قلت بركات البر حتى ان الزرع لا يأتي بضعفه وبركات البحر حتى ان اللآلئ لا تكاد تدرك.


الصفحة التالية
Icon