وما قيل إن فساد البر في مدن الصحراء، وفساد البحر في مدن السواحل، أو قلة مياه العيون، أو عدم إثبات الأرض، وخلو الأصداف، أو بقتل ابن آدم أخاه، وفي البحر بغصب الجلندي السفينة المار ذكرها في الآية ٧١ من سورة الكهف، وغير ذلك مما يضاهي هذا، فهو بعيد عن المعنى المراد بمناسبة هذه الآية، وإن تقييدها بمثل هذه المسائل مناف لظاهرها العام المطلق في كل فساد يقع في البحر.
وهؤلاء الذين يعيثون في الأرض فسادا في البر والبحر لا يهملهم اللّه، وقد أمهلهم "لِيُذِيقَهُمْ" جزاء "بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا" مقدما معجلا "لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ٤٣ عن
هذه الأعمال القبيحة، حتى إذا أصروا عليها عاقبهم عليها كلها في الآخرة غير عقاب الدنيا.
واعلم أنه لا يوجد في القرآن العظيم آية مبدوءة بالظاء غير هذه "قُلْ" يا سيد الرسل لقومك وغيرهم "سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ" وتفكروا في أطلال منازلهم وتدبروا كيفية إهلاكهم واسألوا عن أسبابها وإبقاء مساكنهم خاوية تعلموا أنه "كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ" ٤٢ باللّه جاحدين حقوقه مثلكم، واعلموا أنكم إذا لم ترجعوا عما أنتم عليه يكون مصيركم مثلهم.


الصفحة التالية
Icon