قال تعالى "وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً" ليبس الأرض وما عليها "فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا" بعد أن كان ذلك النبات أخضر يهتزّ "لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ" ٥١ ما أسلفناهم من نعم الغيث ويجحدون نزوله كأنما لم نغثهم أبدا.
واعلم أنه لم يأت في القرآن لفظ المطر إلا للعذاب، والغيث إلا المرحمة، وقد بينا ما يتعلق بتفصيل هذا في الآية ٢٢ من سورة الحجر فراجعها.
قال تعالى "فَإِنَّكَ" يا سيد الرسل "لا تُسْمِعُ الْمَوْتى " قلوبهم "وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ" المختوم على آذانهم "الدُّعاءَ" الذي ترشدهم به "إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ" ٥٢ عنك بظهورهم لأنهم إذا كانوا مقبلين إليك قد يفهمون بالإشارة والرمز "وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ" في هوّة هواهم "إِنْ تُسْمِعُ" ما تسمع "إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا" لأنهم مقبلون إليك بقلوبهم وأبصارهم مصغون بعقولهم وآذانهم، ينظرون لما تقوله بكليتهم "فَهُمْ مُسْلِمُونَ" ٥٣ لك منقادون مطيعون لأوامرنا التي تبلغهم إياها، فاترك أمثال أولئك واعرض عنهم ولا تحزن عليهم لأنهم في حكم الموتى واحرص على هؤلاء فإنهم هم المنتفعون بوعظك ونصحك.
مطلب في سماع الموتى وتلقين الميت في قبره وإعادة روحه إليه والأحاديث الواردة بذلك :
هذا، وقد استدل بعض الحكماء بهذه الآية على أن الأموات لا يسمعون، وأيدها بقوله تعالى (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) الآية ٢٢ من سورة فاطر ج ١، وهذا القائل توصل بقوله هذا إلى عدم تلقين الميت في القبر إذ لا فائدة له منه، وقال لو حلف لا يكلم فلانا فكلمه ميتا لا يحنث لأنه ليس بأهل للكلام ولا للسماع.