وحكى السفارينى في البحور الزاخرة أن عائشة رضي اللّه عنها ذهبت إلى نفي السماع وذلك أنه جاء في صحيح البخاري عن هشام عن أبيه قال : ذكر عند عائشة أن ابن عمر رفع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فقالت ذهل ابن عمر إنما قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله يبكون عليه الآن، قالت وذلك مثل قوله أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال إنهم يسمعون ما أقول، إنما قال إنهم
الآن يعلمون أن ما كنت أقول لهم حق، ثم قرأت الآيتين، ورجح هذا القاضي أبو يعلى من أكابر الحنابلة في كتابه الجامع الكبير، مستدلين بالآيتين المذكورتين وشبهها مما في القرآن العظيم.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنهم يسمعون وهو اختيار ابن جرير الطبري وابن قتيبة وغيره، وقال ابن عبد البر : إن الأكثرين على هذا، واستدلوا بما جاء في الصحيحين عن أنس عن أبي طلحة رضي اللّه عنهما قال :
لما كان يوم بدر وظهر عليهم (على المشركين) رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أمر ببضعة وعشرين رجلا، وفي رواية أربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فألقوا في طوى (بئر من اطواء بدر) وأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ناداهم يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا، فقال عمر رضي اللّه عنه يا رسول اللّه ما تكلم من أجساد لا أرواح لها ؟! فقال والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم.
زاد في رواية لمسلم عن أنس : ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا.


الصفحة التالية
Icon