قال سنيد عن عكرمة : كانت في فارس امرأة لا تلد إلا الأبطال، فدعاها كسرى فقال : إني أريد أن أبعث إلى الروم جيشاً، وأستعمل عليهم رجلاً من بنيك، فأشيري عليَّ أيهم أستعمل، فأشارت عليه بولد يدعى شهربراز، فاستعمله على جيش أهل فارس وقال الأستاذ أبو علي أحمد بن محمد بن مسكوية في كتابه تجارب الأمم وعواقب الهمم، فقالت تصف بنيها : هذا فرحان أنفذ من سنان، هذا شهربراز أحكم من كذا، هذا فلان أروغ من كذا، فاستعمل أيهم شئت.
فاستعمل شهربراز - انتهى.
وبعث قيصر رجلاً يدعى قطمير بجيش من الروم، فالتقى مع شهربراز بأذرعات وبصرى، وهي أدنى الشام إلى أرض العرب فغلبت فارس الروم وظهروا عليهم فقتلوهم وخربوا مدائنهم وقطعوا زيتونهم، وبلغ ذلك النبي ـ ﷺ ـ وأصحابه ـ رضى الله عنه ـ م وهم بمكة فشق ذلك عليهم، وكان النبي ـ ﷺ ـ يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، لأن فارس لم يكن لهم كتاب، وكانوا يجحدون البعث، ويعبدون النار والأصنام، وفرح كفار مكة وشمتوا.
قال الترمذي عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ : وكان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب - انتهى.
فلقي المشركون أصحاب النبي ـ ﷺ ـ فقالوا : إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون وأهل فارس أميون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الروم، فإن قاتلتمونا لنظهرن عليكم.
فذكر ذلك أبو بكر للنبي ـ ﷺ ـ فنزلت الآية، فقال ـ ﷺ ـ :" أما إنهم سيغلبون في بضع سنين ".