لما صدر من الكفار الإنكار بالله عند إنكار وعد الله وعدم الخلف فيه كما قال تعالى :﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ] والإنكار بالحشر كما قال تعالى :﴿وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غافلون﴾ [ الروم : ٧ ] بين أن الغفلة وعدم العلم منهم بتقدير الله وإلا فأسباب التذكر حاصلة وهو ( أن ) أنفسهم لو تفكروا فيها لعلموا وحدانية الله وصدقوا بالحشر، أما الوحدانية فلأن الله خلقهم على أحسن تقويم، ولنذكر من حسن خلقهم جزأ من ألف ألف جزء وهو أن الله تعالى خلق للإنسان معدة فيها ينهضم غذاؤه لتقوى به أعضاؤه ولها منفذان أحدهما لدخول الطعام فيه، والآخر لخروج الطعام منه، فإذا دخل الطعام فيها انطبق المنفذ الآخر بعضه على بعض بحيث لا يخرج منه ذرة ولا بالرشح، وتمسكه الماسكة إلى أن ينضج نضجاً صالحاً، ثم يخرج من المنفذ الآخر، وخلق تحت المعدة عروقاً دقاقاً صلاباً كالمصفاة التي يصفى بها الشيء فينزل منها الصافي إلى الكبد وينصب الثفل إلى معى مخلوق تحت المعدة مستقيم متوجهاً إلى الخروج، وما يدخل في الكبد من العروق المذكورة يسمى الماساريقا بالعبرية، والعبرية عربية مفسودة في الأكثر، يقال لموسى ميشا وللاله إيل إلى غير ذلك، فالماساريقا معناها ماساريق اشتمل عليه الكبد وأنضجه نضجاً آخر، ويكون مع الغذاء المتوجه من المعدة إلى الكبد فضل ماء مشروب ليرقق وينذرق في العروق الدقاق المذكورة، وفي الكبد يستغني عن ذلك الماء فيتميز عنه ذلك الماء وينصب من جانب حدبة الكبد إلى الكلية ومعه دم يسير تغتذي به الكلية وغيرها، ويخرج الدم الخالص من الكبد في عرق كبير، ثم يتشعب ذلك النهر إلى جداول، والجداول إلى سواق، والسواقي إلى رواضع ويصل فيها إلى جميع البدن، فهذه حكمة واحدة في خلق الإنسان، وهذه كفاية في معرفة كون الله فاعلاً مختاراً قادراً كاملاً عالماً شاملاً علمه، ومن يكون كذلك يكون واحداً وإلا لكان


الصفحة التالية
Icon