وقال ابن الفرات : إن أبرويز بعث مع ابن الملك الذي كان نصره ثلاثة من قواده في جنود كثيرة كثيفة، أما أحدهم فإنه كان يقال له زميرزان وجهه إلى بلاد الشلام فدوخها حتى انتهى إلى بلاد فلسطين، وورد مدينة بيت المقدس، وأخذ أسقفها ومن كان فيها من القسيسين وسائر النصارى بخشبة الصليب، وكانت قد دفنت في بستان في تابوت من ذهب وزرع فوقها مبقلة فدلوه عليها فحفر واستخرجها وبعث بها إلى كسرى في سنة أربع وعشرين من ملكه، وأما القائد الثاني - وكان يقال له : شاهير - فسار حتى احتوى على مصر والإسكندرية وبلاد النوبة وبعث إلى كسرى بمفاتيح مدينة الإسكندرية في سنة ثمان وعشرين من ملكه، وأما القائد الثالث - وكان يقال له : فرهان - فإنه قصد قسطنطينية حتى أناخ قريباً من ماء وخيم هنالك فأمره كسرى فخرب بلاد الروم غضباً مما انتهكوا من موريق - يعني الملك الذي كان نصره، وفعل هذا لأجل ابنه، وانتقاماً له منهم، ولم ينقد لابن الملك الذي فعل هذا لأجله أحد من الروم، لأنهم لما قتلوا الملك قوفا ملكوا عليهم رجلاً يقال له هرقل، ثم اتفق ابن الفرات وابن فتحون فقالا : فلما رأى هرقل عظيم ما فيه بلاد الروم من تخريب جنود فارس إياها وقتلهم مقاتلتهم، وسبيهم ذراريهم، واستباحتهم أموالهم، تضرع إلى الله تعالى، وأكثر الدعاء والابتهال فيقال : إنه رأى في منامه رجلاً ضخم الجثة رفيع المجلس عليه، فدخل عليهما داخل، فألقى ذلك الرجل عن مجلسه وقال لهرقل : إني قد سلمته في يدك، فلم يقصص رؤياه تلك في يقظته حتى توالت عليه أمثالها، فرأى في بعض لياليه كأن رجلاً دخل عليهما وبيده سلسلة طويلة فألقاها في عنق صاحب المجلس الرفيع عليه ثم دفعه إليه وقال له : ها قد دفعت إليك كسرى برمته، وقال ابن الفرات : فاغزه فإنك مدال عليه، ونائل أمنيتك في غزاتك، فلما تتابعت عليه هذه الأحلام قصها على عظماء الروم وذوي العلم منهم، فأشاروا عليه أن يغزوه