فصل


قال الفخر :
﴿الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين ﴾.
وجه تعلق أول هذه السورة بما قبلها يتبين منه سبب النزول، فنقول لما قال الله تعالى في السورة المتقدمة ﴿وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتى هِىَ أَحْسَنُ﴾ [ العنكبوت : ٤٦ ] وكان يجادل المشركين بنسبتهم إلى عدم العقل كما في قوله :﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ [ البقرة : ١٧١ ] وكان أهل الكتاب يوافقون النبي في الإله كما قال :﴿وإلهنا وإلهكم وَاحِدٌ﴾ [ العنكبوت : ٤٦ ] وكانوا يؤمنون بكثير مما يقوله بل كثير منهم كانوا مؤمنين به كما قال :﴿والذين ءاتيناهم الكتاب يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [ العنكبوت : ٤٧ ] أي أبغض المشركون أهل الكتاب وتركوا مراجعتهم وكانوا من قبل يراجعونهم في الأمور، فلما وقعت الكرة عليهم حين قاتلهم الفرس المجوس فرح المشركون بذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآيات لبيان أن الغلبة لا تدل على الحق، بل الله تعالى قد يريد مزيد ثواب في المحب فيبتليه ويسلط عليه الأعادي، وقد يختار تعجيل العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر قبل يوم الميعاد للمعادي، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon